بحث مخصص

الأحد، 18 سبتمبر 2011

الثورات العربية و الدولة المنشودة

لقد سُلِط الظلم والذل على الشعوب العربية كما لم يسلط على شعب، و سلط هذا الظلم بتواطؤ من رجال الدين أو بالأحرى المتاجرين بالدين الذين ما فتئوا يأمرون الناس بالطاعة المطلقة و طأطأة الرأس متحججين بأحاديث كاذبة منسوبة للرسول صلى الله عليه و سلم هم يعلمون في قرارة أنفسهم أنها مزيفة يريدون بها عرض الدنيا. لقد حوّل علماء السوء الإسلام من دين رحمة و تسامح و حرية و حقوق الإنسان إلى دين ظلم و تسلط و احتقار للمرأة و الطفل و سلب الحريات و الاضطهاد الديني حتى أصبح الإسلام الذي نعيشه اليوم - باختلاف طوائفه من سنة و شيعة و وهابية و صوفية و إباضية و.... - مخالفا تماما للإسلام الذي نقرؤه في القرآن.

لقد بلغ السيل الزبا ، لا يوجد ظلم أكثر من هذا يحتمل لقد وصلت الشعوب العربية إلى حالة تشبع من الظلم و لم تعد قادرة على استيعاب المزيد، و إن ما تشهده الدول العربية هذه الأيام من ثورات ما هو إلا البداية و ستمتدّ هذه الثورات إلى كل الدول العربية بطريقة أو بأخرى، و قد لا تحقق الثورات العربية أهدافها في إقامة نظام حكم عادل و لكنها ستحقَــِّق هدفها العاجل و المباشر و هو الإطاحة بالحاكم الظالم المستبد.

طبعا الطريق إلى الديمقراطية لن يكون سهلا فالعراقيل لا تحصى و أولها نابعة من داخل النفس العربية و الثقافة التي نشأت عليها، ثقافة العنف مقابل ثقافة التحاور و ثقافة النقل مقابل ثقافة التفكير و البحث و ثقافة "السلف خير من الخلف" مقابل ثقافة "التطور المتواصل" و هذه الثقافة هي التي تجعل العرب اليوم يصدّقون الدجالين أكثر من العلماء و الباحثيين، و ينـْـقادون وراءهم لمجرد أنهم يطلقون لحى طويلة و يقولون قال أبو هريرة، و مثل على ذلك إدعاء الشيخ الزنداني اكتشافه لعلاج الايدز الذي عجز العلم الحديث عن إيجاد علاج له و أمثال الزنداني كثيرون و موجودون في كل قرية عربية و لكن المشكلة ليست في الدجالين و لكن في العقول العربية المهيأة لتأثيرهم.

لماذا يستطيع المسلمون العرب العيش في دول ديمقراطية في أوربا و أمريكا الشمالية و يندمجون فيها و في نفس الوقت يحافظون على دينهم و يدعون له؟ لماذا لا يجدون تناقض بين الديمقراطية و الإسلام؟ و لماذا يجد العرب هذا التناقض في بلدانهم؟ لماذا ترفض الشعوب العربية الديمقراطية و تعدها كفرا و في نفس الوقت ملايين من الشباب يحلمون بالهجرة إلى الغرب و مستعدون ليلقوا بأنفسهم إلى التهلكة من أجل ذلك؟ لماذا عندما تضيق الأرض بما رحبت بالإسلامويين لا يجدون مكان يستجيرون فيه إلا أوربا أو أمريكا، لماذا لا يجدون ملجئ في السعودية أو السودان و لماذا لا يذهبون هناك لو خيروا؟